عندما أسجد على التراب..
ويلامس الرمل والحصى جبيني..
ويدغدغ العشب أنفي..
ويستنشق عبق الطين جلدي..
أبثُّ..أشكو.. أبكي..
أسمو.. أتجلى.. أتجوهر..
عندما أجلس في بيت من الطين..
عندما أجلس في بيت من الطين..
وتعانق نفحات الطبيعة روحي..
ويتذوق نكهة الفخار لساني..
أسكن.. أحن.. أنام..
لأنني أقابل موطني ..
الطين..
مسقط رأسي..
الذي أنتمي إليه..
وأحس بأنه يشعر بي..
ويحتويني..
فهو يعرفني جيداً..
ويفهمني جيداً..
لأنني قد خُلقت منه..
البديع سبحانه وتعالى شكّلني منه , ونفخ فيَّ من روحه جل وعلا..
وبما أنني (حواء) قد خلقت من ضلع (آدم) كما قال سيد ولد (آدم) صلى الله عليه وسلم..
ذلك الضلع (الأعوج)..
الغير قابل (للتقويم)..
والذي يستمتع (آدم) بالحديث عنه طوال الوقت..
والسخرية منه..
والتبجح عليه..
الذي بسببه تحس (حواء) أنها تنتمي لـ (آدم)..
لأنها قد خلقت منه..
وإذا أمعنَت الـتأمل والتفكر ..
لوجدَت أن ذلك الضلع (الأعوج) قد خُلق من طين أصلاً..
لوجدَت أن ذلك الضلع (الأعوج) قد خُلق من طين أصلاً..
أي أن مهدها وموطنها الأول هو الطين..
الذي أصله التراب..
فإذا صُمَّت أذنا (آدم) عن بث حواء ومناجاتها..
فإن السميع القريب يستمع إليها دائماً, و يكون أقرب إليها عندما تضع جبينها على (التراب)..
وإذا عميت عينا (آدم) عن كينونة ووجود (حواء)..
فإن بيتها (الطيني) يُشعرها بإنسانيتها..
وإن جف نبع عطاء (آدم) ولم يعد يبذل لـ (حواء) ما تستحقه ممَّ يتوجب عليه بصفته (القوام) عليها..
فإن الأرض (الطينية) لا تبخل بعطائها, وخيراتها أبداً .. ولا تقصر في أوامر ربها مطلقاً..
وإذا تحجر صدر (آدم) ولم يعد صالحاً للضم والاحتواء..
فإن القبر (الترابي) يحتوي.. ويضم.. ويستر أيضاً..
ذلك هو التراب..
منه خلقت .. وإليه تعود..
هو سكنها.. ولباسها..
فعلامَ غرور وتبجح (آدم)؟؟!!
هو يحتاج لـ(حواء) بالقدر الذي تحتاج هي به إليه..
وإن لم تجد (حواء) من (آدم) ما ينبغي عليه..
فـ (التراب) أولى بها منه..
تجده في أي وقت احتاجت فيه إليه..
سواء سجدت عليه..
أو دُفنت فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق