الجمعة، مايو 06، 2011

إلى من كنت أحسبه كل شيء في حياتي:


تحية معطرة بأريج الأرض الخضراء , محمولة على غمام الخير, تسوقها رياح الحرية..
أرسلها إليك لكي تطمئن على أخباري إن أردت..
أنا في أحســن حال والحمد لله..
أتنفس الهــواء المتجدد..
أأكل ما يسوقه إلي ربي الذي أسبحه وأحمده ليلاً نهاراً..
أشرب من حيث أريد عيوناً كانت أو أنهاراً..
أتدثر بريشي المزين عندما تفيض علينا السماء بخيرها أمطاراً..
أمتع ناظري بمرأى المــروج المزخرفة أزهاراً..
أطير بجناحي الذين أقودهما كما أشاء..
نعم .. أطييييييييير.. وأحلق عالياً..
أتباهى بجناحي الجميلين الذين خلقا لكي أطير بهما..
لـــكي أطييييييييييييير..
لا لكي يتفرج عليهما الناس من وراء القضبان..
قضبانك الذهبية..
قضبانك المعتز أنت بها..
تأسر انظـار الناس بها..
وحلمت أن ستأسرني أنا بها..
بمعدنك الرخيـــص..
مهما كان بريقه, وفتنته, وقيمته..
فأحلامي أشد بريقاً..
وحريــتي أكثر فتــنة..
وكبريائي أهم قيمة..
وأنا أعظم قدراً..

هل تذكـــر عندما كنت أسألك:
-         ما لون الشمس التي يمجدونها؟
فتجيبني مزهــــواً.. بأنه يشبه لونك..
-         وما لون القمر الذي يتغزلون ببهائه؟
كنت تشمخ بأنفك وأنت تقول بأنه كلون الوعاء الذي مننت علي أن كنت أشرب منه..
-         وكيف تبدو الأشجار والمروج والسهول؟
فتتفاخر قائلاً أنها تشبه أوراق الخس الذي كنت تعلقه لأتسلى به بين قضبانك..

كم كنت ساااااذجاً عديم الحيلة, إذ كنت أصدقك.. وأثق بك.. وأنبهر بك..
اعتقدت أنك بيتي.. ووطني.. وعائلتي.. وحياتي..
كنت أتشبث بذلك القضيب البارد الذي كنت توقفني عليه .. وأظنه سريري..
وأسند رأسي على حراسي من القضبان الصلبة القاسية الذين كانوا يراقبونني .. وكنت أظنهم يحمونني..
وعلى الرغم من كثرتهم, وصلابتهم, واصطفافهم العسكري تحت إمرتك.. تمكنت من الرؤية من بين أكتافهم..
وواعجباه مما رأيت!!
رأيت لوناً صافياً هادئاً رقيقاً يسمونه الأزرق.. تتخلله أصواف بيضاء بأشكال أكثر عجباً!
وفي فرصة أخرى رأيت ما يسمونه الشجرة..
ما أعظم حجمها وعطاءها!
هي ليست كما صورتها لي بخيالك المريض, وصدقها عقلي الصغير بسذاجته, وثقته العمياء بهرائك..
أمــا ما رأيته عليها.. فقد كـــان ما لم أتوقع وجوده في الدنيا أصــلاً!!
رأيــت أشـــباهاً لي!!
نعم.. هم يشبهونني كثيراً ظاهرياً..
ولكنهم يختلفون!
ذلك البريق!
ذلك البريق المدهش الأخاذ في أعينهم!
رأيتهم يفردون أجنحتهم الزاهية الألــوان.. اللامــعة تحت أشعة ذهبية.. عرفت لاحقاً أنها أشعة الشمس!
يفردون أجنحتهم..
ويرفرفون بها..
حتى تطير بهم ليرتقوا عــالياً عالياً..
يغردون..ويتصايحون.. ويمرحون..
فغرت فمي مشدوهـاً..
كــيف يمكنهم فعل ذلك؟!
مــا أروعهم.. مــا أقواهم.. مــا أشجعهم!
مــا أجملهم.. مــا أبـــدع أصواتهم!
يتنقلون بكل أريحية من شجرة لأخرى..
ومن جدول لآخر..
لكأن تلك الأشــعة الذهــبية المنتشرة الممتدة إلى ما لا نهاية  هي حراسهم ( أقصد قضبان قفصهم)..
هــل يُعقل أن يكون قفصهم كبيراً لهذا الحد؟!
وأنا طوال عمري أســيرٌ بين قضبانك المتزاحمة البشعة!
كم انبهرت بهم..أشباهي.. وحســدتهم..
وتمنيت من كل قلبي الصغير المكبوت أن أصير مثــلهم..
ظلت أمنياتي حبيسة قلبي المقهور الضــائق بها..
كما كنت أنا حبيسك أيها الضيّق القاتل..
بإرادتي وبكل الحرية التي كنت تجود بها علي فضلتك عما كنت أسترق النظر إليــه..
فضلتك .. وتشبثت بك..
بسـبب الخـــوف..
الخوف من المجهول..
الخوف من قيض الصيف, وزمهرير الشتاء اللذان كنت اسمع عنهما..
الخوف من الحيوانات آكــلة الطيور الصــغيرة, والتي كنت تحكي لي قصصها قبل النوم..
الخوف من ألا أجد حبوباً يابسة جوفاء..وماءً عكِر المذاق..
الخوف من الحرمان من إطراء الناس على ريشي زاهي الألوان..
الخوف من خذلان جناحيّ الغير معتادين على الرفرفة والانطلاق..
الخوف .. من فراقك!
يا من شربت حبك حتى الثمالة..
وغفوت على ذراعيك كل ما مضى من عمري..
وسكنت قلبك المتصحر برضاي..
وآويت إليك كل ليلة في حياتي..
وأشهدتك على أسراري..وهذياني..
وائتمنتك على حياتي..
حتى فــاض بي الكيل..
ولم أعد قادراً على مسايرتك..
والإنصات لخزعبلاتك..
وتصديق كل تدليسك..
فانتهيــــت منك..
أيــها البارد الكذاب القاسي..
إسمعني أيها المغرور المتســلط..
لقد حطمت القيد, وكــسرت القفل..
وفردت جناحيّ.. وحركتهما بأقصى طاقتي..
أخطأت.. وسقطت.. وجُرحت.. وتألمت..
ولكنني نهــضت..
وعــاودت الكرة..
أرفرف واسقط.. ثم أرفرف وأصطدم بسدٍ ما..
ثم أنهض وأرفرف من جـــديد..
حتى استجاب لي جناحيّ الجديدان..
وحلّقا بي بعيـــداً عنك, وعــن عـــالمك الخانق..
يالسعادتي.. وانشراح صــدري..
هــا قــد ولــدتُ من جــديد!
وبقلــبي المملوء أمــلاً..
وعيناي المتألقتان شــغفاً..
وجناحيّ العزيزين القويين..
أطيــــــر..
وأرتــــقي ..
وأعيــــش ..
أعيش كما ينبغي لي أن أعيــش..
حراً.. قوياً.. عزيزاً..

واخيراً وآخراً..
تقبل تمنياتي لك بعيشة ترضاها حقاً..
المخلص لنفسه..
طائر بجناحينJ

هناك تعليقان (2):

  1. عندما نعشق نتغاضى عن أشياء كثيرة ومن أهمها الكذب

    ردحذف
  2. بسبب العشق أو بسبب الخوف او بسبب الغفلة والسذاجة..
    أسعدني مرورك وتشريفك لمدونتي بحروفك أختي كريمة.

    ردحذف