الثلاثاء، أبريل 05، 2011

عندما يئدون الأحلام (قصة قصيرة)


بكل الحريق الذي يستعر في فؤادها..
بكل البراكين التي توشك على الانفجار في عقلها..
بكل الزلازل التي ترج جسدها..
صرخت (أحلام)..
-         لا أريده..
-         لا أريده..
-         لا أطيقه..
-         ولكن أحداً لم يفهمها..
-         لم يحاول حتى أن يسمعها..
كل ما فعلوه هو لومها وعتابها..
وتقريعها .. وتعنيفها..
-         اتق الله فيه ..
-         انظري إليه كم يحبك..
-         ألا تقدرين مشاعره..
-         هو يعشقك ..
-         هو يتمنى لو يقبل التراب الذي تمشين عليه..
كانت دموعها تنهمر كالمطر .. وتجري كالسيول..
وقلبها تستعر حممه .. موشكة على إحراق كل ما يعترضها ..
وكل ذرة في كيانها تعترض..
لا
لا أريده..
حاولوا أن تفهموني..
لا أحبه ..
ما أثقل دمه على قلبي..
فلم يكن جوابهم إلا..
-         ستحبينه بعد الزواج..
-         فقط جربي..
بكت.. لا أريده..
حاولوا أن يحاوروها بمنطقهم..
-         ماذا يعيبه؟!
-         شاب..
-         وسيم..
-         أعزب !!
-         لديه مصدر دخل ممتاز..
حاولت إفهامهم..
-         لا يفهمني..
-         لا يفكر بطريقتي..
-         لا يهتم إلا بالقشور..
-         هو لا يرى شخصيتي..
-         ولا عقليتي..
-         ولا يحاول أن يفهمني..
-         هو فقط يجدني دمية جميلة يتشوق ليلهو بها..
-         حلوى لذيذة يشتهيها..
تهكموا عليها..
-         ياللمغرورة..
-         اعرفي قدر نفسك..
-         احمدي الله أن حباك بخطيب ممثله..
-         ليس سكيراً!!
-         ولا عربيداً!!
-         ولا عاطلاً!!
ظلت تصرخ .. وتبكي .. وتنتحب ..
وليس هناك من يجيب..
أو حتى .. من يحاول أن يستمع..
كلمت (أحلام) والدتها..
فملأت عليها الدنيا بكاءً ..ونحيباً .. وشكوى..
-         ماذا أيتها الفتاة؟؟!!
-         هل فقدتِ عقلك؟؟!!
-         أي ذنب أذنبته يا رب حتى تبتليني بمثل هذه البنت؟؟!!
-         ألا تخجلين؟؟
-         أتريدين أن تفضحينا؟؟
حاولت (أحلام) أن تقنع أمها..
فتكدرت أمها..
وانتحبت..
-         المهم أنه رجل..
-         يستر عليك ويحميك من غدر الزمان..
-         المهم رجل !!
ولم تجد (أحلام) ملاذاً من بكاء أمها..
إلا صدر أبيها..
لجأت إليه..
رجته أن يلغي الاتفاق..
فاحمر وجهه غضباً..
وأشاح به عنها..
حاولت أن تقنعه..
فزمجر فيها..
-         أتريدينني أن أنكث بوعدي للناس؟؟!!
-         أترضين لأبيك أن يصغر مقامه أمامهم..
-         ألا تبالين بمركز أبيك؟؟!!
-         حتى أنك لا تملكين سبباً مقنعاً للجنون الذي تطلبينه!!
أسقط في يدها..
ماذا ستفعل الآن؟؟
إلى أين الملجأ؟؟
إلى صديقاتها اللائي يحسدنها على العريس .. أياً كان هذا العريس!!
أم إلى أقربائها الذين لا تعني لهم شيئاً غير أنها ابنة والديها!!
أم إلى إخوتها وأخواتها الذين يلومونها دوماً..
-         أنت التي وافقت من البداية..
-         لم يرغمك أحد على الخطبة من الأساس..
-         لا شأن لنا .. ذاك أمر يخصك وحدك..
ولم تجد (أحلام) الملجأ..
ومع الأسف لم تلتجئ إلى الملجأ الوحيد الذي ينبغي أن تلتجئ إليه..
إلى الواحد العالم بخفايا نفسها..
إلى من يقدر لها الخير..
إلى من يحبها .. ويحن عليها أكثر من والديها..
غشت عينيها خرقة سميكة حجبت عنها النور الذي منحها إياه الرب الكريم الرحيم..
فاستسلمت..
وانقادت (أحلام) لرغبتهم..
ألبسوها الكفن الأبيض..
ووضعوا الأغلال الذهبية على معصميها..
والسروج المرصعة بالجواهر على أذنيها ورأسها..
والطوق الذهبي على رقبتها..
ذلك الطوق الذي سيسوقونها بواسطته إليه..
ذلك الذي لا تريده..
لا تطيق نظراته الصفراااااااااء..
وابتسامته البلهااااااااء..
حتى العطر الذي كان يغرق نفسه فيه عساه ينال إعجابها..
كتم على أنفاسها..
وتلك البدلات غالية الأسعار التي كان يرتديها لينال رضاها..
أسقمت نظرها..
والزهور من كل شكل ولون التي كان ينفق عليها الكثير ليسعدها..
مزقتها .. ورمتها..
حتى أقرباؤه .. كرهتهم..
حتى الأشخاص الذين يحملون اسمه .. قاطعتهم..
.....................................
أفاقت (أحلام) من دوامتها .. وهم يسحبونها..
بذلك الطوق الذهبي..
إليه..
أخذ بناصيتها.. وأدخلها قبرها..
واطمأن بنفسه على لحدها..
وتحول من ذلك الخجول المهزوز..
إلى ذئب جائع مسعور..
وشرع يذبحها..
ويمزق بقاياها..
وظل هناك .. بداخل كبريائها..
فتيل شمعة أخيرة ..
 يلفظ أنفاسه الأخيرة..
وهو يئن..
(ماااااذاااا فعلتُ بنفسيييييييي؟؟!!)
(ماذا فعلت؟!)


.إنتهت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق